قضاء السودان

صدر قانون الحكم الذاتي ولأول مرة كفل للقضاء استقلاله ومنع السلطتين التنفيذية والتشريعية التدخل في أعماله ومحاولة التأثير عليه وصارت الهيئة القضائية حارسة دستور 1956 المؤقت ولها حق تفسيره واستمر العمل هكذا حتى عام 1958م والذي عطل الدستور وأصدر قانون المجلس المركزي ثم جاءت ثورة أكتوبر 1964م فأعادت العمل بالدستور المؤقت ولكن وفي عام 1966 فصل القضاء الشرعي عن المدني وأنشأت محكمة استئناف مدنية عليا وشرعية عليا وفي عام 1972 تم دمج القضاء ثم فصلا عام 1976م ثم عاد الدمج الأخير وتوحيد القسمين في عام 1983م.

ومن أهم ميزات تلك المرحلة وما يليها وأحداثها والتطور القضائي والقانوني فيها إعلان إعادة تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد في أغسطس 1983م وكذلك أهم التطورات القضائية صدور قانون الهيئة القضائية لسنة 1983-1405هـ الذي نص علي أن ولاية القضاء في السودان لجهة قضائية واحدة تسمي الهيئة القضائية تكون مسئولة مباشرة لدي رئيس الجمهورية عن أداء أعمالها .كما أشتمل القانون علي تكوين المحكمة العليا والأجهزة القضائية بحيث ينشأ جهاز قضائي في كل إقليم وبذلك تقاصر الظل القضائي للمتقاضين ويسر عليهم المقاضاة واستيفاء الحقوق .ثم قامت دوائر المحكمة العليا في الإقليم مما درأ عن المواطنين مشقة وعنت الترحال والأسفار للوصول للخرطوم مقر المحكمة العليا و زادت الأجهزة القضائية وفق تمدد الحكم الاتحادي حتى صارت الآن ثمانية وعشرين جهازا قضائيا بالسودان منها ثلاثة أجهزة قضائية بولاية الخرطوم وأصبح كل جهاز قضائي يتكون من محكمة استئناف ومحاكم ابتدائية عامه وجزئية ومتخصصة .ثم قامت دوائر المحكمة العليا في مدني وبور تسودان والأبيض التي تمثل ولايات كرد فان ودارفور معاً.

وأنشأت كذلك إدارات رئيسية علي رأسها إدارة المحاكم التي تقوم بالإشراف علي المحاكم في جميع أنحاء البلاد. وكذلك أنشأت إدارة التدريب القضائي وهي من أهم الإدارات لأنها تقوم بتدريب القضاة في مداخل الخدمة وتقوم كذلك بتدريب القضاة داخليا وخارجيا للاستفادة من الخبرات والوقوف علي تجارب الآخرين والتعاون وكمثال للنتائج المثمرة أنشا المحكمة التجارية نتيجة للتعاون المثمر من منظمة ((الوايبو)) وكذلك تطورت إدارة المكتب الفني والذي تأسس وأنشأ عام 1972م بموجب قانون الهيئة القضائية لسنة 1972م تطور وأصبح يحوي قسم البحث العلمي والمكتبة الاتحادية والمكتب الفني مسئول كذلك عن منشورات السيد رئيس القضاء وتوسع فيها يختص كذلك بنشر البحوث العلمية وإقامة السمنارات العلمية والقانونية بجانب تدوين الأحكام ونشرها بمجلة الأحكام القضائية كسوابق قانونيه وكذلك تطورت المكتبة الاتحادية وأصبحت تحوي الكثير من المراجع القانونية وكذلك أنشأت المكتبة الالكترونية وربطت بجهاز الحاسوب وشبكة الانترنت وكذلك تطورت إدارة تسجيلات الأراضي وربطت بنظام الحاسوب . وكذلك أنشأت إدارة محاكم المدن و الأرياف وهي مسئولة عن المحاكم في المدن والأرياف البعيدة وعددها كبير وتضم أعيان البلد والريف وإجراءتها بسيطة ساعدت المحاكم النظامية كثيراً ولأهميتها جعلت لها إدارة تشرف علي أعمالها .

وأنشأت كذلك إدارة خدمات القضاة لتحسين بيئة العمل ومساعدة القضاة والعاملين علي اختلاف أنواعهم بتوفير المواد الضرورية وأنشأت كذلك إدارة شرطة المحاكم وهي من الإدارات المهمة ووظيفتها إعلان الأطراف وإحضار الحراسات والأشراف عليها. وأنشأت إدارة التوثيقات وهي تقوم بمراقبة التوثيقات و إبرام العقود وتوثيقها.

وكذلك أسست دار القضاة والتي تقوم بالدور الاجتماعي المنوط بها علي أكمل وجه ولازال التطور والتحديث والتوسع في السلطة القضائية في جميع النواحي والإدارية والعلمية والثقافية يزداد نمواً يوماً بعد يوم فهناك إنشاءات في المباني والتوسع في المحاكم ومن الأحداث الهامة والتي زامنت اليوبيل الذهبي للسلطة القضائية افتتاح المحكمة القومية العليا بكل مقوماتها القانونية والإدارية. وكل ما حدث من نمو وتطور يدل علي أن القضاء السوداني مستقل ومتميز والسلطة القضائية في تطور مستمر نسأل الله سبحانه وتعالي أن يجعلها دائماً منارة للعدل وان يوفق القائمين علي أمر ها فهو نعم المولي ونعم النصير .